مقـدمــة
:قصة الإستشهاد فى تاريخ الكنيسة المبكر هي
وسيلة أستخدمها الشيطان لإرهاب المسيحيين لكنه ندم +
ويقول القديس يوستينوس الشهيد: [ها أنت تستطيع أن ترى بوضوح أنه حينما تقطع رؤوسنا ونُصلب ، ونلقى للوحوش المفترسة ، ونقيد بالسلاسل ، ونلقى فى النار ، وكل أنواع التعذيب ، أننا لا نترك إيماننا . بل بقدر ما نعاقب بهذه الضيقات ، بقدر ما ينضم مسيحيون أكثر إلى الايمان باسم يسوع المسيح]
قصة المسيحية المبكرة وإنتشارها عبر الزمان وفى كل مكان حية مضيئة الطريق +
طريق الملكوت بنور الإيمان الحقيقى الذى وهبه الرب لنا لا عن إستحقاق بل بحبه الفائق الذى تجلى على الصليب ، إذ قدم ذاته ذبيحة كفارية عن العالم ، لكى يهب الخلاص والحياة الأبدية لكل الذين يؤمنون به ويريدون أن يحيوا حياة القداسة الحقيقية سائرين على طريق الملكوت فى جهاد مستمر + طول الحياة. أعمالهم مضيئة أمام عيوننا وثمار فضائلهم نتذوقها ، فنذوق طعم الأبدية

مكاسب الكنيسة من الإستشهاد
لقد آمن كثيرون بسبب آلام الشهداء وموتهم ، بما صاحب إستشهادهم من معجزات ، وما أظهروه من ثبات وأحتمال وصبر وليس من المبالغة فى شئ إن قلنا أن الإيمان المسيحى أنتشر فى العالم كله بإستشهاد القديسين ، أكثر مما أنتشر بوعظ المبشرين وتعليمهم … فدماء الشهداء روت بذار الإيمان. فنما الإيمان وأتى بثمار كثيرة لحساب ملكوت الله

لقد كسب المؤمنون المسيحيون الأوائل نفوساً كثيرة . ونالوا هذا الكسب بموتهم أكثر مما نالوه بحياتهم أو معجزاتهم
الشهداء قدموا برهاناً عملياً على صدق تعاليم المسيحية وفضائلها … وكما تختبر المعادن بالنار ، كذلك تختبر الفضائل بالآلام والضيقات … وكانت الأضطهادات العنيفة التى قاستها المسيحية ، برهاناً على أصالة فضائلها
يقول يوسابيوس المؤرخ الكنسى الذى عاش وسط الاضطهادات بخصوص عفة وطهارة العذارى والنساء: [ لم يكن النساء أقل من الرجال بسالة فى الدفاع عن تعاليم الكلمة الإلهية ، إذ أشتركن فى النضال مع الرجال . ونلن معهم نصيباً متساوياً من الأكاليل من أجل الفضيلة . وعندما كانوا يجروهن لأغراض دنسة ، كن يفضلن تسليم حياتهن للموت عن تسليم أجسادهن للنجاسة ] !!
لقد أثبت الإستشهاد أصالة الفضائل التى علمت بها المسيحية ، متجسدة فى أشخاص المعترفين والشهداء ، الذى لم تقوى الآمهم المبرحة على تحويلهم عن الفضيلة وسموها فى شتى صورها
إن الاستشهاد المسيحى بنتائجة هو برهان عملى على صحة قول السيد المسيح له المجد + إن لم تقع حبة الحنطة فى الأرض وتمت فهى تبقى وحدها . ولكن إن ماتت تأتى بثمر كثير (يو ٢٤:١٢)
إن الكرام يقطع أغصان الكرمة التى تحمل ثماراً حتى تنمو أغصان أخرى وهذا يصيرها أكثر حيوية وأكثر اثماراً وهذا ما يحدث معنا . فالكرمة التى غرست بواسطة الله مخلصنا يسوع المسيح هو شعبة
من جهة المناصب والوظائف والماديات
ملوك وأمراء وقواد تركوا كل شئ مناصب واملاك
:من جهة النوعيات
(رجال – نساء – اطفال – جنود – قواد – ولاه)
: الأكاليل المعدة لهم فى السماء
(أكاليل الإستشهاد – أكاليل الغلبة – العفة والطهارة – الخدمة ، – أكاليل البذل – العطاء – الشهادة للمسيح الذى أحبنا وبذل ذاته لأجلنا لكى يحضرنا قديسين وبلا لوم قدامه فى المحبة)
دوافع الإستشهاد في المسيحية
١- مفهوماً جديداً للآلم
لم يعد الآلم أمراً يتعلق بالجسد ، بل أصبح له مفهوم روحى يرتبط بالحب – محبة المسيح
نحن نرى الحب فى شخص المسيح يسعى نحو الآلم ليستخلص من براثنة من أقتنصهم ويحرر من سلطانة من أذلهم
لقد تغيرت مذاقة الآلم وأصبح صليب الآلم شعار المجد والغلبة والنصرة بل الوسيلة الهامة للوصول للمجد فى المسيحية ننظر إلى الصليب على أنه علامة الحب الذى غلب الموت وقهر – الهاوية وإستهان بالخزى والعار والآلم – لقد أصبح إحتمال الآلم من أجل المسيح هبة روحية
لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ (فى ١ : ٢٩)
أصبح شركة مع الرب فى آلامه
إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ (رو ٨: ١٧)
لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ (فى ٣: ١٠)
إذا كانت المسيحية هى الحب فالموت فى سبيلها هو قمة الحب والبذل بحسب تعبير اكليمنضس الاسكندرى الذي قال: [الاستشهاد ليس مجرد سفك دم ولا هو مجرد اعتراف شفهى بالسيد المسيح لكنه ممارسة كمال الحب]

٢- علمت المسيحية أن الإنسان مخلوق سماوى
السماء بالنسبة للإنسان المسيحي هى الهدف الأسمى والغرض المقدس والكنز الحقيقى الذى يطلبة ويقتنية وهى وطنه الأصلى ومستقرة النهائى والوجود الدائم مع الله
في الحقيقة هى كل شئ بالنسبة له
بداية الإنسان يوم خُلق كانت فى السماء ونهايتة سوف تكون فيها حينما يعود إليها … ومن هنا أحس الإنسان بغربتة فى هذاالعالم الفانى الذى سوف يمضى وشهوتة معه وجعل كل أشواقة أن يعود إلى وطنه الأول السماء
الكتاب المقدس يؤكد هذه الحقيقة +
إبراهيم الغني جداً كان يسكن الخيام +
يعقوب يقول لفرعون قليلة ورديئة هي أيام غربتي +
معلمنا بولس الرسول فى رسالتة إلى العبرانيين يقول: فِي الإِيمَانِ مَاتَ هؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ. (عب ١١: ١٣)
:ويكتب إلى أهل كورنثوس: فَإِذًا نَحْنُ وَاثِقُونَ كُلَّ حِينٍ وَعَالِمُونَ أَنَّنَا وَنَحْنُ مُسْتَوْطِنُونَ فِي الْجَسَدِ، فَنَحْنُ مُتَغَرِّبُونَ عَنِ الرَّبِّ …  فَنَثِقُ وَنُسَرُّ بِالأَوْلَى أَنْ نَتَغَرَّبَ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ الرَّبِّ (٢كو٥: ٦-٨)
في الحقيقه يصعب علي المتمسك بالأرض وما فيها أن يشهد للمسيح

٣- المسيحية علمت الإنسان المؤمن أن تكون أشواقة نحو السماء
ويكتب معلمنا بولس إلى أهل كولوسى مشجعاً إياهم بقوله
مِنْ أَجْلِ الرَّجَاءِ الْمَوْضُوعِ لَكُمْ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّذِي سَمِعْتُمْ بِهِ قَبْلًا فِي كَلِمَةِ حَقِّ الإِنْجِيلِ (كو١: ٥)
اطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله اهتموا بما فوق لا بما على الأرض (١كو٣: ١-٢)
وأيضاً فإن سيرتنا فى السموات التى منها أيضاً ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح لذلك فإنه فى صلواته يناجى الله فى السماء ويقدم صدقاته عالماً أنه يكنز فى السماء (مت٢٠:١٩)
يتشفع بالملائكة والقديسين الذين أنطلقوا إلى السماء +
بل ونفسه سوف تزف إلى العرس السمائى
بسبب كل هذه الأحاسيس والمفاهيم المقدسة كانت معنويات المعترفين والشهداء عالية جداً فى السجون +
كان غرض الأباطرة والملوك والحكام والوثنيين من سجن المعترفين المسيحيين هو تحطيم شجاعتهم وأضعاف روحهم المعنوية لكن على العكس كان حبس المعترفين وتعذيبهم سبباً فى إعلاء شجاعتهم