وكل أيام الصوم لابد أن يتوفر فيها فترة إنقطاع عن الطعام (عدا السبوت والآحاد – الاربعاء والجمعه ايام الخمسين) ثم يتناول الطعام النباتى فقط +
يعود بنا هذا إلى حالة آدم فى الجنة حيث كان طعامه نباتى، ولم يتغير هذا إلا بعد الطوفان +
الكنيسة بهذا تعلن حبها للصوم ليس كدخول فى الباب الضيق فحسب، بل كعمل حب وبذل بفرح ومسرة +
أن فترات الصوم هى فرصة للتقدم فى الحياة الروحية +
ويقول مار اسحق السريانى: بمجرد أن يبدأ الإنسان بالصوم يتشوق العقل لعشرة الله
وعلى سبيل المثال نذكر للصوم هذه الفوائد الروحية
.فيه نراجع علاقتنا مع الله، وهل هى علاقة معرفة لله نفسه، أم مجرد معرفة أمور عنه +
.هل هى علاقة خاصة وشخصية، أم مجرد علاقة عامة وسط الناس +
.هل الله هو هدفنا أم هو بالنسبة لنا وسيلة إلى أهداف أخرى …الخ +
.هذا الأمر يحتاج إلى الصلاة لذلك تقام القداسات، حيث تختم فترة الصوم الإنقطاعى بالتناول من جسد السيد المسيح ودمه الإلهيين، الذى هو اتحاد بالسيد المسيح له المجد +
.كما يحتاج إلى كلمة الله حيث قال السيد له المجد
لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ (متى ٤ :٤)
:والكنيسة تشبعنا من كلمة الله فى
القداسات الإلهية اليوميه –
النهضات التى تقيمها الكنيسة –
ازدياد الفرصة للترائى أمام الله، والتغذى بكلمته فى البيت، يعمل علي تقليل الأهتمامات المادية مما يعطى فرصة أطول للروحيات +
يعطى فرصة للألتقاء بالنفس –
+العالم فى صخبه وإنشغالاته الكثيرة التى لا تنتهى يحرم الإنسان من الألتقاء بأعز ما يملك، بنفسه الوحيدة التى قال عنها السيد له المجد
لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟ (متى ١٦ :٢٦)
+وسط أهتمامات العالم هذه التى تنتزعنا من أنفسنا تأتى فترة الصوم لتعيدنا إلى أنفسنا نحاسبها، ونراجع علاقتنا بها، وهل نحن معها أم متغربين عنها. وهذه العودة هى التى تقودنا إلى حياة التوبة مثل الابن الضال حين قيل عنه أنه رجع إلي نفسه وبالتالى تعيدنا إلى الله
ليس الصوم إذلال للجسد بقدر ما هو إنعاش للروح فهو يعطى الروح نصرة على الجسد +
:ينعكس هذا السمو الروحى على الجسد مثل +
موسى النبى ولمعان وجهه عند نزوله من الجبل حيث كان مع الله بعد أن صام اربعين يوم –
دانيال النبي –
الثلاث فتية الذين طلبوا أن يمتحنوا بالطعام الصيامى وخرجوا أقوى وأجمل –
الصوم يساعد على السهر الروحى، ويجذب الجسد معه فى السهر الجسدى أيضا ولهذا تتكرر فترات السهر طوال الليل، سواء ليالى شهر كيهك، أو ليلة سبت الفرح فى ختام أسبوع الآلام –
هو فرصة للإحساس بالجماعيه وبأننى عضو فى الجسد الواحد –
فالصوم فى الكنيسة الأرثوذكسية صوم جماعى للكنيسة كلها. أى هو صوم للجسد كله +
يعبر هذا عن وحدة الإيمان +
هذه الشركة بين المؤمنين الذين هم أعضاء الجسد الواحد هى التى زرعها فينا السيد المسيح له المجد +
(علمنا الصلاة الربانية (أبانا، وليس أبى- خبزنا وليس خبزى- واغفر لنا وليس لى- ولا تدخلنا وليس تدخلنى
(طلبة ختام التسبحه يا الله (ارحمنا – اسمعنا – اطلع علينا – ترأف علينا
فى الصوم تتعاطف الأعضاء مع بعضها بعمل المحبة، والرحمةحيث تكثر أعمال الرحمة فى فترات الصوم فالصوم يعتبر عمل محبة +
في الصوم مشاركه فى الألم (السيد المسيح والجوع (مت 4: 2)، أخوة الرب المحتاجين) لذلك لا يوجد صوم بدون فترة انقطاع حيث ينبغى أن نشعر بالجوع +
أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ+
أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ.(أش ٥٨: ٧-٦)
ينتهى الصوم بالتناول فيتعمق الإحساس بهذه الوحدانية حيث يقول بولس الرسول +
( فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ (١كو ١٠ : ١٧
فرصة للتدريب على ضبط النفس –
من حيث +
فى تحديد وقت الأكل من خلال الأنقطاع ولو بالتدرج –
نوع المأكولات (نباتية) –
كميتها،حيث بالانقطاع تقل الوجبات الي اثنين –
عدد أنواع الاكل التي توضع أمامنا –
لا ينبغى أن يأكل الإنسان للملء. وفى هذا تغلب على الذات والشهوة التى هى أصل الحروب –
كما أن فيه ضبط للحواس (اللسان، العين، الأذن..) فالصوم لا يعنى الصوم عن الطعام فقط بل هو صوم عن الشرور والخطيةالتي تدخل للانسان من خلال الحواس +
فرصة لإظهار دور ارادة الإنسان –
الله الذى خلق كل شىء من أجل الإنسان +
أوصاه بالصوم عن شجرة واحدة فقط ولم يكن هذا من باب الحرمان أو فرض التسلط وإنما كان دليلا على حرية الإنسان الذى يستطيع أن يطيع أو يعصى +
كذلك لكى يعبر عن محبته لله بطاعة وصيته +
لكن الإنسان عصى ولم يطع الوصية، لذلك بدأ المخلص خدمته على الأرض بالصوم أربعين يوما. لكى بصومنا معه نخضع الجسد للروح بإرادتنا +
السيد المسيح قدم كل شىء لخلاص الإنسان ولكن لابد من إرادة الإنسان، فله دور لاستحقاق هذا الخلاص لذلك قال بولس الرسول العظيم، رسول النعمة والجهاد +
أقمع جسدي و أستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا
بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا. (٢كو ٩ : ٢٧)