يرتبط الصوم دائماً ببعض السلوكيات الروحية  والإجتماعية  والطقسية  والجسدية التي تجعل له طعم مختلف عن الأيام العادية وبالأخص الصوم الكبير
:لكي نصل للصوم الروحاني بمفهومة الصحيح لابد من الإمتناع عن بعض الأمور مثل
١- المأكولات
٢- التسليات والمسرات
٣- العلاقه الزوجية المقدسة

أولاً
:الصوم يشمل
(١- الإمتناع (عن بعض نوعيات الأكل
(٢- الأنقطاع ( فتره من الزمن
مسألة الأنقطاع عن الطعام فترة معينة ضرورية اذ إنه لامعنى للصوم إذا كان الإنسان يأكل ثلاث مرات
قد تركت الكنيسة تحديد فترة الأنقطاع عن الطعام لكل شخص حسب طاقتة وإمكاناتة الصحية وطبيعة عملة وحالتة الروحية هل هو مبتدئ أم متقدم روحياً؟ حيث إن المبتدئ يحسن ألا ينافس المتقدم روحياً كما أن الراهب لايستوى مع العلمانى
لذلك فإنه من الأفضل للإنسان أن يتدرج فى فترة الأنقطاع بالأتفاق مع أب الأعتراف…هذا ينطبق علي كل الأصوام بدرجاتة المختلفة

ثانياً
:المنع هنا خارجي يقود لمنع داخلي وهو الأهم فهو تمهيد عندما يصل الإنسان إلي المنع الداخلي تحدث عدة أشياء هي
١- يوم الرفاع يصبح كأي يوم اخر لإيحتاج لأستعداد خاص من تعدد نوعيات الأكل وكمياتة والمحبب منه لأننا سنتركة لفترة زمنية طويلة
(٢- لايستعجل الإنسان نهاية الصوم ويفرح بمرور كل يوم من أيام الصوم ( قصة أبونا والفول
٣- لايهتم بتعدد نوعيات الأكل
٤- يوم العيد أيضاً يصبح الأكل عادي وليس إنتقام من فترة الصوم الطويلة

ثالثاً
لايليق بالإنسان الصائم أن يمتنع عن الأكل ثم ينشغل بمجادلات من جهة كثرة الأصوام ومتاعب الأكلات الصيامي وفئات الذين ينبغي أن يعفوا من الصوم … وهكذا مما يضيع قيمة الصوم

رابعاً
:بهذا يصبح الصوم الجسدي الروحاني الحقيقي هو
١- وسيله – وليس هدف – يساعد القلب علي الصوم الروحاني بإعطائه الوقت الذي كان يستهلكة الأهتمام بالأكل
٢- أعلان لصوم القلب وأرتفاعة فوق المستوي المادي الجسدي الشهواني الذي لايريد أضاعة الوقت في الإنشغال بالأكل
أذن الصوم الحقيقي يبدأ من القلب ثم ينعكس علي الجسد وليس العكس

لماذا كل هذا الأهتمام الشديد من جهة الكنيسة بموضوع الأكل ؟
تساؤل منطقي لكن عندما نعرف العلاقة القوية بين بعض نوعيات الأكل وجسد الإنسان ومدي تأثيرها السلبي او الإيجابي تزول كل علامات التعجب
معروف أن طاقة الإنسان ترتبط إلى حد كبير بكمية الغذاء الذي يتناولة ونوعيتة
هناك علاقة وأرتباط بين طاقة الإنسان، وما يصدر عنه من أفعال
الأقوياء الأشداء مثلا أكثر أستعداداً للغضب والقتل وربما الزنا من الضعفاء الهزيلين، لأنهم يحتفظون في أجسامهم بطاقة أكبر مما يلزم لحاجتها الطبيعية +
ولابد من صرف هذه الطاقة … فإين تصرف
عمل الطعام فى الجسم يشبه عمل الوقود تماماً فأنواع الوقود مختلفة من حيث سهولة الاشتعال كالبنزين والكيروسين لكن بدرجات مختلفة، فالبنزين أسرع اشتعالاً من الكيروسين… هكذا الأطعمة مختلفة التأثير من حيث الطاقة الناتجة عنها +
فكرة الصوم تقوم على هذا الاساس
إنها رياضة روحية، قصد بها إذلال الجسم وإخضاعة، فضلاً عن الحد من تغذيتة حتى لا تتوفر له من الغذاء طاقة كبيرة، قد لا يقوى الإنسان على حسن توجيهها +
يقول يوحنا كسيان في حديثة عن روح النهم
حينما تمتلىء المعدة بكل أنواع الطعام، فذلك يولد بذور الفسق
والعقل حينما يُخنق بثقل الطعام لا يقدر على توجية الأفكار والسيطرة عليها
فليس السُكر من الخمر وحده هو الذي يُذهب العقل، لكن الإسراف في كل أنواع المآكل يضعفة، ويجعلة متردداً ويسلبة كل قوتة في التأمل النقي
أن على خراب سدوم وفسقها لم يكن السُكر بالخمر بل الإمتلاء (الشبع) من الخبز
أسمع الرب يوبخ أورشليم بالنبي القائل لأنه كيف أخطأت أختك سدوم إلا أنها شبعت من خبزها بكثرة
هذَا كَانَ إِثْمَ أُخْتِكِ سَدُومَ
الْكِبْرِيَاءُ وَالشَّبَعُ مِنَ الْخُبْزِ وَسَلاَمُ الاطْمِئْنَانِ كَانَ لَهَا وَلِبَنَاتِهَا، وَلَمْ تُشَدِّدْ يَدَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ (حز٤٩:١٦)
وبسبب الشبع من الخبز إشتعلوا بشهوة الجسد الجامحة، فأُحرقوا بعدل الله بنار وكبريت من السماء.
فإن كانت زيادة الخبز وحده أدت الى مثل هذا السقوط السريع في الخطية عن طريق رذيلة الشبع، فماذا نقول عن أولئك الذين لهم أجسام قوية، ويأكلون اللحم ويشربون الخمر بإفراط، غيرمكتفين بما تتطلبة حاجة أجسادهم، بل ما تمليه عليهم رغبة العقل الملحة
قال القديس فيلوكسينوس:  ثقل الأطعمة تقهر الأعضاء بالشهوات – أكل الأطعمة الدسمة بعد فترة الانقطاع تضر بحالته الصحية ضرراً بالغاً لأنها تفتح شهيتة للطعام فتزيد رغبة الإنسان فى الأكل
كلنا نعرف جيداً ما تسببة الأطعمة الدهنية من ضيق الشرايين أو إنسدادها وما ينتج عن ذلك من أمراض
 كذلك يترتب على ذلك إستيقاظ وإثارة الغرائز
أكل اللحوم بعد فترة الصوم الإنقطاعى يوقظ الغرائز ويعمل علي إثارتها مثل الغريزة الجنسية، وغريزة الغضب، والإنفعال وغيرها
هذه حقيقة نشاهدها فى عالم الحيوانات +
فالحيوان الذى يراد إزدياد وحشيتة يمنع عنه الطعام حتى يجوع جداً فتزداد فيه غريزة الوحشية فإذا قدم إليه حيوان آخر أفترسه بوحشية شديدة
وهذا ما كان يحدث قديماً فى عصور الإستشهاد فكانوا يمنعون الأسود عن الأكل فترة طويلة ثم يلقون الإنسان إليها فكانت تنهمش لحمه نهشاً وعظامة أيضاً +
لو طبقنا ذلك على الإنسان لوجدنا أن غرائزه تزداد يقظة وأشتعالاً وبهذا لايؤدى الصوم النتيجة المطلوبة، ولا يكون الصوم رياضة روحية الهدف منها السمو فى الروح والسيطرة على الجسد حتى يمكن للصائم أن يؤدى الصلاة فى سهولة وروحانية وأن يمارس جميع الفضائل الأخرى، فلا يجد من الجسد معارضة أو أى عائق من غرائزه
هذا يقيد الفضائل ويعيقها عن الإنطلاق 

لهذا كان تناول الأطعمة النباتية بعد فترة الصوم عاملاً مساعداً على التقدم الروحى
وهذا يبين لنا روحانية الكنيسة وحكمتها فى الطريقة التى رسمتها لنا للصوم
كذلك الحال من ناحية الطباع
الأطعمة النباتية تكون دائما يختلف عن ذاك الذى ينتج عن الأطعمة الدسمة
هذا واضح أيضاً فى الحيوانات آكلات اللحوم فهى تتصف بالإفتراس والشراسة والتوحش مثل الأسد والنمر وغيرها من الحيوانات المفترسة
أما الحيوانات آكلات النباتات فهى حيوانات دائماً أليفة مستأنسة مثل الطيور والخراف وغيرها
هناك نوعاً من الطيور يعرف بالطيور الجارحة كالنسر والصقر وهذه تتصف بأكل اللحوم أما الطيور التى تأكل الحبوب فهى أليفة كالدجاج والبط وغيرهما من الدواجن
وما الإنسان إلا حيوان فى الطبيعة الجسدية أما الروح فهى التى تميزه عن مملكة الحيوان
حتى الدجاج إذا أخطأ مربية وأعطاه لحما فإنه يبدأ فى نهش بعضه بعضاً، لأن أكل اللحوم ينمى فيه الطبع الوحشى
هناك فى الهند لعبة شائعة هى لعبة مصارعة الديوك، وبها تطعم الديوك باللحم ثم تترك ليقاتل كل منها الآخر حتى تخور قواها (لاحظ من خلال الأكل تغيرت الطباع من اليفة إلي شرسة )
العالم الرياضى المشهور فيثاغورس: ­الذى عاش فى القرن السادس قبل الميلاد­ كان نباتياً وقد برر نظريتة النباتية بأنه أجرى تجربة بين فيها أثر النباتات على الحيوانات المتوحشة فأحضر دباً ومنعه عن أكل اللحم ثم قدم له بعض الأعشاب الطازجة والفواكه، وبطبيعة الحال أمتنع الدب عن الأكل لمدة ثلاثة أيام لأنه لم يعتد مثل هذا النوع من الأطعمة، ثم أضطر أخيراً إلى أن يأكل كمية قليلة من الطعام النباتى الموضوع أمامه، ثم لم يلبث أن أمتنع عن الأكل مرة أخرى إلا أنه عاد وأكل منه بعد أن استبد به الجوع، فاعتاد أكل النباتات، وبعد عدة شهور وجد فيثاغورس أن الدب صار حيواناً أليفاً لا يأكل اللحوم ولايؤذى الإنسان
وبهذا أثبت فيثاغورس أن النباتات تؤثر فى طبائع الحيوان إذ أنها تخلق دماً هادئاً
بعض الناس من أعداء الصوم يتحججون بأن اللحوم تعطى قوة اكثر من النباتات
العكس هو الصحيح
اللحوم لاتعطى قوة وإنما تعطى شدة وشراسة قد تستخدم فيما لايفيد