إنه أمر خارج حدود المنطق وفائق لطبيعة البشر المألوفة أن الأحزان تنشئ أفراحاً والضيقات تولد تعزيات لكنها المسيحية هى التى تفعل ذلك ب
مفاعيل النعمة الإلهية
عمل الروح القدس فى المؤمنين
شهداء قرطاجنة بعد أن وصفوا أهوال السجن قالوا إننا لم نخشى ظلام المكان . فلقد أضاء السجن الموحش ضياء روحانى . ولقد كان الإيمان والمحبة كالنهار يفيضان علينا ضوءاً أبيضاً

أسباب ذلك الاحتمال

١- المعونة الإلهية التى وعد الله بها جميع الذين يضطهدون من أجل اسمه (لو ١٩-١٢ : ٢١ ) وَقَبْلَ هذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ، وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي. فَيَؤُولُ ذلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً. فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنْ لاَ تَهْتَمُّوا مِنْ قَبْلُ لِكَيْ تَحْتَجُّوا، لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا. وَسَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ الْوَالِدِينَ وَالإِخْوَةِ وَالأَقْرِبَاءِ وَالأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ. وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنَّ شَعْرَةً مِنْ رُؤُوسِكُمْ لاَ تَهْلِكُ. بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ

٢- التطلع بإيمان إلى المجد العظيم الذى ينتظرهم وأن السيد المسيح له المجد سيمسح كل دمعة من عيونهم
وَسَيَمْسَحُ للهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ ( رؤ٢١ :٤ )

٣- تعاطف الكنيسة بكل أعضاءها كجسد واحد معهم سواء بالصلوات التى ترفع لأجلهم أو العناية بالإهتمامات المادية وأحتياجات أسرهم

٤- الرؤى المجيدة التى كانت تعلن لهم وأن لها أعظم الأثر فى تشجيعهم وأصبح السجن فى نظرهم باباً للسماء
هكذا كان المعترفون فى السجون تفيض نفوسهم سلاماً كانوا يتعجلون موعد محاكمتهم لا احتمالاً للأفراج عنهم بل لأنهم بوقفتهم أمام الحكام يشعرون أنهم يشاركون الرب يسوع فى وقفة محاكمته أمام بيلاطس البنطى
تتجلى هذه الروح المعنوية العالية والشجاعة المسيحية فى الحوار الذى جرى بينهم وبين قضاتهم ولم يكن سوى رد واحد يجيبون به ظل يُسمع قرابة ثلاثة قرون فى ساحات القضاء بأنحاء الامبراطورية هو… أنا مسيحى وكانت صيحة الشعب الهائج التى تعقب هذا الاعتراف هي … الموت للمسيحى
كان المتهم لا يجيب عن وضعه الإجتماعى فى العالم اذا سأله القاضي لأنه كان يعتبر الأمور الأرضية تافهة القيمة فى نظره لدرجة انه لو أراد القاضى أن يعرف ما إذا كان عبداً أو حراً – موضوع كان على جانب كبير من الأهمية فى تلك الأزمنة – ما كان يهتم بالاجابة … لأن كل فكره كان مركزاً فى الاهتمام بالانطلاق من هذا العالم الحاضر ليفرح بالاكليل المعد له من قبل الرب والميراث الأبدى لينضم إلى كل الذين سبقوه من الشهداء والقديسين ليحيا معهم حياة التسبيح الدائم فى الفردوس إن الشهداء قبلوا الآلام لا للآلام فى حد ذاتها ولكن لأنها علامة الشركة الحقيقية التى تربطهم بالسيد المسيح له المجد الذى قبل الآلام لأجلنا ليهبنا الحياة الأبدية إن سحابة الشهداء مازالت مضيئة فى الكنيسة إلى يومنا هذا وستظل وهم يتشفعون أمام المسيح لأجل اخوتهم في الجسد الواحد إلى أن يكمل العبيد رفقائهم